-A +A
عبدالكريم الرازحي
إذا كان كريستوفر كولومبس هو أول من اكتشف أمريكا فإن الحمارالذي اكتشفه المسافر هو أول من اكتشف الطريق.
يقول العكابر: «الطريق اكتشاف الحمار.. الحمار اكتشاف المسافر». وفي قرية العكابر فإن الحمار الذي يلعب دوراً هاماً في مختلف أطوار حياة القرية وترك بصمته في كل منعطف تاريخي لم يزل حتى اليوم يلعب نفس الدور. وإذا كان المثقف في عصر العولمة.. عصر تساقط الأنظمة الشمولية والأيديولوجيات الثورية قد انقرض مثل أي ديناصور ولم يعد له أي دور يذكر سوى النهيق والنعيق.

فإن الحمار ليس بديناصور ويستحيل أن ينقرض. بدليل أن سعره الآن يفوق سعر أي مثقف. ولمعلوماتكم فإن سعر الحمار الجحش في قرية العكابر يتراوح ما بين خمسين إلى ثمانين ألف ريال. أما الحمار الحمار فكل حمار له سحره وله سعره. وفي سوق ومعرض حمير القرية هناك شيخ مستحمر ضليع بعلم الاستحمار.. ومع أنه شيخ ضرير إلا أنه خبير ومتخصص وعالم وأدرى بأصل وسلالة وطبع كل حمار معروض للبيع. إنهم يسمونه المستشار. ويُسأل عن رأيه ويُستشار. فإذا دخل أحدهم السوق -المعرض- برغبة شراء حمار فإن عليه أن يستشيره ويستعين به لانتقاء حمار جيد وأصيل. يقول الخبير الضرير: بأن المهم الأهم، أهم صفات الحمار أن يكون حماراً لحمل الثقيل وليس جداراً يلوك الشعير وينهق مثل الحمير. ولأهمية الحمار في قرية العكابر فإن المكان الذي يقيم فيه وينام يسمى «المكتب» وفي مكتبه يعيش الحمار معززاً مكرماً له كامل الشعير وكامل الحقوق.
ومن حقه كل يوم جمعة أن يأخذ إجازة ويرتاح ويستمتع بإجازته. وهو حر في أن يقضي نهار الجمعة في مكتبه أو يخرج ليلتقي بصديقته وينفرد بها تحت ظلال الأشجار. إذ من حق الحمار أن يحب ويعشق حمارته نهاراً جهاراً دون خوف من عيون الرقابة أو خشية من فضيحة بجلاجل.